العرض الوظيفي ومدى إلزاميته
تمر عملية التوظيف الناجحة بدءاً من ترشح الموظف المبدئي للوظيفة ونهاية بتسلمه عمله الجديد بمراحل متعددة، تؤثر كثيراً في نجاح عملية التوظيف من عدمه، ومن تلك المراحل المهمة مرحلة تقديم عرض العمل للمرشح، وهو ذلك العرض الذي يُقدم للموظف عقب مروره بمراحل تقييمية سابقة رأت خلالها الإدارة جدارة المرشح وملاءمته للوظيفة الشاغرة، وعادة ما يحتوي العرض الرسمي على غالبية التفاصيل الأساسية الخاصة بعمل الموظف الجديد مثل المسمى الوظيفي والإدارة والمدير الذي يتبعه وطبيعة العمل؛ سواء كان العمل بدوام كامل أو جزئي وتوضيح لعدد ساعات وأيام العمل والراتب الشهري والبدلات والمميزات ونبذة عن المهام الوظيفية والتاريخ المقترح لبدء العمل المتوقع ومدة صلاحية العرض. وفي نهاية العرض إقرار بقبول المرشح للعرض الوظيفي للتوقيع عليه في حالة موافقته على التفاصيل التي وردت بالعرض.
تعتبر تلك المرحلة هي المرحلة السابقة لمرحلة التوقيع على التعاقد التي يعقبها قيام المرشح بمباشرة عمله الجديد، وفي تلك المرحلة المهمة والرئيسية من مراحل التوظيف يجب على المرشح الانتباه لعدة نقاط مهمة يجب أن تؤخذ في الاعتبار بجدية، ومن أهمها وجوب تسلم العرض رسميا، ثم الحصول على الوقت الكافي لدراسة العرض الوظيفي، ثم مقارنة طبيعة العمل الموكل للمرشح وحجمه بالمميزات المادية والعينية والوصول إلى تقييم دقيق.
ويجب العلم أن قبول المرشح للعرض يترتب عليه انعقاد العقد بالتراضي بين الطرفين، وفق نص المادة 51 من نظام العمل، أما رفض العامل للعرض فلا يرتب أي أثر للعرض الوظيفي، ويعتبر كأن لم يكن، وفي النهاية لن ينعقد العقد إلا بعد أن يؤكد المرشح قبوله لعرض العمل وإبداء رغبة حقيقية في الانضمام للمنشأة.
وبعد ذلك تأتي مرحلة الانضمام للعمل وإبرام عقد عمل وفق العرض الوظيفي، وعند تنفيذ العرض الوظيفي وتحرير العقد، يمكن للأطراف الاتفاق على شروط وأحكام جديدة في العقد، ولو لم ترد في العرض، أو تغيير ما سبق الاتفاق عليه بالعرض من أحكام، وفي هذه الحالة تسري أحكام العقد فقط، كما يحق للأطراف الاستعانة بالعرض الوظيفي وما ورد به من أحكام، إذا أغفل العقد إثباتها.
أما في حالة إخلال أحد الطرفين بالتزامه وما يترتب على ذلك من عدم الالتحاق بالعمل، فإن الوضع هنا يختلف باختلاف الطرف المخل، فإذا امتنع العامل عن تحرير العقد، أو الالتحاق بالعمل، وترتب على ذلك خسارة محققة بالشركة؛ كأن تتعاقد الشركة على مشروع أو خدمة معينة، يتوقف تنفيذها على التحاق العامل بهذا العمل؛ يكون العامل مطالبًا بالتعويض عن الضرر الذي لحق بالشركة.
أما إذا تنصلت الشركة من تعيين المرشح بالعمل لديها، وترتب على ذلك ضرر بالعامل المرشح؛ كأن يستقيل من عمله السابق، أو أن يسافر إلى خارج دولته بناءً على هذا العرض، ثم لا يجد عملًا؛ فإن الشركة في هذه الحالة تكون مطالبة بتعويضه عن ذلك.
ملحوظة: عرض العمل الذي يوضح الحقوق والواجبات لكلا الطرفين بما في ذلك مسمى الوظيفة والراتب الشهري يصبح كأنه عقد عمل بمجرد إرساله إلى المرشح وموافقته عليه، وبالأخص إذا باشر العامل العمل وفقاً لذلك فالعبرة بقصد الطرفين وإن اختلفت المسميات.
ومما سبق تتبين أهمية العرض الوظيفي ومدى حجيته متى كان احترافيًا مستوفيًا لشروطه، الأمر الذي يدعو كلا الطرفين -صاحب العمل والموظف- للتعامل معه بما يستحق من الجدية والاهتمام والحرص، إذ إنه يعد إثباتًا لما تم الاتفاق عليه أثناء فترة التفاوض، وبالتالي فهو ربما يحظى بأهمية تقترب من أهمية العقد المبرم.